في عالم منحرف: وكالة “الإف بي أي” الأمريكية تشن معركة مضنية ضد إباحية الأطفال

28/12/2012م

بقلم/ جيسون جرانت (صحيفة ستار-لدجر)

ضحايا الانتهاكات الجنسية

نوارك- نيوجرزي: نزل المفتش تيم راين من سيارة الفان الرسمية التابعة لوكالة مكتب التحقيق الفدرالي الأمريكي (إف بي آي) ميمما وجهه تجاه عمارة الطوب البيج والحاوية على غرف عديدة مليئة بالأدلة الشرعية من مختلف أنحاء الدولة: عينات الدم، وشظايا الهيكل العظمي البشري، وعلامات من الأدوات المستخدمة في الجرائم، وبقايا القذائف.

مرر بطاقة الهوية الإلكترونية وتخطى عددا من الأبواب مارا بسلسلة من الممرات الطويلة حتى انتهى إلى مختبر التحليل الجنائي الحاسوبي.

قابله على مكتبه قرص حاسوبي من نوع (DVD) مكتوب على ظهره كلمتان بسيطتان باللون الأسود:

“صور أطفال”

دعى المفتش بصوت خافت قائلا: “يا الله: أرجوك أن تعينني على هذه المهمة!”

التقط الشريط واتجه إلى جهاز الحاسب الآلي وهو يقلب في عقله سلسلة من الذكريات القاتمة.  فقد تيقن أنه في مجال عمله فإن أشرطة الحاسوب المشابهة لا تحمل بداخلها إلا آلافا مؤلفة من الصور لأجساد الأطفال، وغالبا ما تصور سلسلة مدروسة من المشاهد البشعة والمنحطة لمسارح جريمة تخص الأطفال.

وقال المفتش في نفسه: “أنا لا أعرف هل بإمكاني أن أرغم نفسي على استعراض شريط دي في دي كامل، سعته 4.67 مليار بايت، من مشاهد لطفل يتعرض إلى الاغتصاب”.

هذا المشهد، وغيره من المشاهد التي سنستعرضها بعد قليل، مأخوذ من سلسلة طويلة من المقابلات مع راين وغيره من مفتشي مكتب التحقيقات الفيدرالي. وقع هذا الحدث عام 2008م في مستهل المسيرة الوظيفية لراين بصفته مفتش متخصص بالصور الإباحية للأطفال. ولكنه وصفه بأنه يوم رسخ في ذاكرته لأنه كان لا يزال يتعرف حينه على أهوال مهمته.

اتفق هو وعدد من المفتشين الآخرين على الحديث عن فريق المكتب المتخصص بمكافحة جرائم إنتاج المواد الإباحية والجنسية – موفرين بذلك لمحة نادرة داخل عالم قلما يطلع عليه الجمهور، مع تصوير بليغ للضغوط التي يعاني منها هؤلاء المفتشين.

وكأقرانهم العاملين في مراكز مشابهة في شتى أنحاء الدولة، فإن هؤلاء المفتشين يقضون ليالي وأياما مغمورين في مجتمع معلوماتي منحرف يشجع على تداول مشاهد الاعتداءات الوحشية على للأطفال ويتجر بها.

… اعترف المفتش راين أنه بصفته أب قد أضحى اليوم أشد حرصا على مراقبة أطفاله مع تمحيص دقيق ومتواصل لكافة الرجال الذين يمرون أمامه في الأماكن العامة، سائلا نفسه باستمرار: هل بينهم معتدين على الأطفال؟

وتصور الرسمة البيانية التالية التصاعد غير المسبوق لهذه الجرائم عاما بعد عام حسب الإحصاءات الرسمية:

Child Porn.JPG

وحتى ندرك حقيقة أبعاد هذا الانفجار الرهيب لمشاهد الانتهاكات الجنسية في الأطفال وانتشارها المتنامي عبر شبكة الانترنت، يمكننا استذكار ما يلي: في عام 2010، أرسل رجال الأمن 14.2 مليون صورة ثابتة ومتحركة لانتهاكات جنسية في الأطفال إلى “المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين”، وهي المؤسسة المخولة من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي لفرز أمثال هذه الصور والتعاون مع المحققين الجنائيين لمكافحتها.

أما عام 2011، فقد قفز هذا العدد إلى أكثر من 22 مليون مشهد.

هذا النمو الذي فاق 55% تعزوه السيدة/ ميشيل كولينز، نائبة رئيس المركز، إلى ما هو معلوم ابتداء لدى المحققين اليوم، وهو: أن مشاهد الانتهاكات الجنسية في الأطفال التي يتم تداولها عبر الإنترنت قد تضاعفت بصفة أسية خلال العقد الماضي، مع استغلال الحاشدين والمكتنزين لمشاهد العدوان الجنسي العنيف في الأطفال للسرعات المتنامية لخدمة الإنترنت وأيضا الطاقات التخزينية المتنامية في حاسباتهم الشخصية في خدمة أعمالهم هذه.

….كما أن عدد الصبيان الصغار والرُضّع في نمو وأصبح يمثل الآن 10%،

وفي هذا السياق صرح المفتش جوشوا ويلسون – والذي قضى أكثر من خمس سنوات متفرغا لهذه القضايا – قائلا: “أصبحنا نرى الجناة يزيلون الحفائظ عن الرُضّع ليتمكنوا من الاعتداء عليهم جنسيا!”

… وقال المفتش ويلسون: “لو كنت أعزبا لعملت إلى حد الموت، فكيف يمكنك أن تبرر لنفسك العودة إلى المنزل لمشاهدة التلفاز في المساء وبمقدورك فتح قضية أخرى خلال تلك الساعات، أو إعداد محضر تفتيش آخر لمحاولة وقاية طفل آخر من العدوان؟”…

وقال: “لا شك أن هذا العمل مثبط جدا. إنه يبعث على الكآبة والحزن – ويفضي بك إلى الغضب أيضا.”

…وفقا لدراسة أجراها مايكل بورك، أحد الأخصائيين الرائدين في معالجة مقترفي الجنايات الجنسية، ورئيس علماء النفس في مكتب “قوى المارشال” الأمني الأمريكي،  أن نسبة 85٪ من الرجال الذين تم اعتقالهم لحيازة أو توزيع مشاهد إباحية الأطفال كانوا قد أقدموا أيضا على جنايات جنسية حقيقية ضد الأطفال.

وأكد الباحث – والذي قام بمقابلة أكثر من ألف فرد قام بالعدوان الجنسي على الأطفال – أن كافة الجناة الذين شاركوا في دراسته عام 2009م قد اعترفوا بانتهاك ما بين 9 إلى 13 طفلا جنسيا على أرض الواقع، لكل منهم.

وقال: “الدافع الجنسي قوي وجياش…. وبعض هؤلاء الجناة يجدون أنفسهم تحت رحمة ما قد نشبهه بالسيل الجارف النفسي.  ولا توجد أبحاثا نفسية تثبت بأنه من الممكن معالجة وشفاء مدمني إباحية الأطفال”

كما وجد الباحث الحقائق التالية:

– 22% من الجناة هم أولياء أمور الضحايا أو وكلاء شرعيين لهم

– 10% من الجناة تربطهم قرابة معينة مع الضحايا

-47% منهم هم من الأصدقاء أو أفراد العائلة.

كما أكد المفتش ويلسون بأن عمليات التصنت إلى الجناة، أو قراءة كتاباتهم وهم يتواصلون عبر الإنترنت، تترك أثرا بليغا على المفتشين.  حتى عندما تخلو من الصور الثابتة أو المتحركة.

وقال: “يا ليتك تستمع إلى مداولات هؤلاء الرجال في الليلة التي تسبق اعتقالهم (أي مداولات الجناة الذين يتواصلون مع بعضهم البعض عبر الإنترنت ويتنصت إليها المفتشون).  إنهم غير آبهين….. يتحدثون عن الاطفال وكأنهم كائنات خسيسة عليهم أن يهينونها. وهم يتحدثون عن الانتهاكات التي سيوقعونها بهم…. وفي اليوم التالي تقبض عليه فينفجر بكاءا، ولكننا نعرف حقيقته. فإن الحاسب الآلي دليل قطعي على حقيقة شخصيته”

وقال عالم النفس مايكل بورك: “عندما يتم القبض على متلصص أو منتج لإباحية الأطفال، فغالبا ما يزعم أن أفعاله لم تضر ضحاياه من الأطفال. وقال: “في البداية غالبا ما يقولون لي: (نعم، فيما يخص ما فعلته في ذلك الطفل، لا شك أنه لم يعجبه، ولكن في اليوم التالي عندما رآني ضمني إلى صدره).  وفي تقديره فإن ذلك الفعل من قبل الطفل أكبر دليل لتبرئة ساحته.”

واستطرد قائلا: “وربما وصفوا لي الضحية قائلين: (في الحقيقة فإنها هي التي حاولت استدراجي. فقد كانت مرتدية ملابس فاتنة وكانت تلامسني). ثم إذا سألته كم كان عمر ضحيتك هذه؟ لكان جوابه: (الحقيقة،،، كان عمرها أربع سنوات)”.

للمزيد:

http://www.nj.com/news/index.ssf/2012/12/a_depraved_world_fbi_agents_wa.html

Leave a Reply

*